نظرية الأوتار (String Theory) هي أحد المحاولات الرائدة لتفسير القوى الأساسية والطبيعة على مستوى الجسيمات الأولية بطريقة تتجاوز النموذج القياسي في فيزياء الجسيمات. تعتبر النظرية الأوتار الدقيقة (strings) بأنها المكونات الأساسية للكون، حيث تتفادى اعتبار الجسيمات الأساسية (كالإلكترونات والكواركات) نقاطًا، بل تفترض أن هذه الجسيمات هي أوتار صغيرة جدًا تهتز بطرق مختلفة. هذه الاهتزازات هي التي تعطي الجسيمات خصائصها المختلفة، مثل الكتلة والشحنة.
الأسس الرئيسية لنظرية الأوتار:
الأوتار بدلًا من الجسيمات: في حين أن الفيزياء التقليدية تعامل الجسيمات الأولية على أنها نقاط غير قابلة للتجزئة، فإن نظرية الأوتار تفترض أن هذه الجسيمات عبارة عن أوتار متناهية الصغر، طولها يقارب طول بلانك (حوالي
1
0
−
35
10
−35
متر)، وهي أصغر بكثير مما يمكن اكتشافه بالتجارب الحالية.
الأبعاد الإضافية: النظرية تفترض أن الكون يتكون من أكثر من الأبعاد الأربعة المعتادة (3 أبعاد مكانية وبُعد زمني). ففي بعض النسخ من النظرية، قد يكون هناك 10 أو حتى 11 بُعدًا، ولكن الأبعاد الإضافية تكون “مطوية” أو ملتفة على نفسها بحيث لا نراها بشكل مباشر.
الجاذبية الكمومية: أحد الأهداف الأساسية لنظرية الأوتار هو دمج ميكانيكا الكم مع النسبية العامة لأينشتاين، وهو ما يُطلق عليه “الجاذبية الكمومية”. النظرية تحاول تقديم نموذج شامل يدمج القوى الأربع الأساسية في الكون (الكهرومغناطيسية، النووية الضعيفة، النووية القوية، والجاذبية).
النماذج المختلفة لنظرية الأوتار: هناك عدة نسخ من نظرية الأوتار، منها:
نظرية الأوتار من النوع I.
نظرية الأوتار من النوع IIa وIIb.
نظرية الأوتار الهجينة (Heterotic String Theories). بعض هذه النظريات تتعامل مع أوتار مفتوحة (لها نهايات) وأخرى مع أوتار مغلقة (دائرية).
الأكوان المتوازية: نتيجة لتعدد الأبعاد في نظرية الأوتار، ظهرت فكرة الأكوان المتوازية أو الأكوان المتعددة، حيث قد تكون هناك أكوان أخرى متخفية في الأبعاد الإضافية التي لا يمكننا رؤيتها.
التحديات والانتقادات:
عدم القدرة على الاختبار: إحدى الانتقادات الرئيسية الموجهة لنظرية الأوتار هي أنها لم تتمكن حتى الآن من تقديم تنبؤات تجريبية يمكن اختبارها عمليًا، مما يجعلها حتى الآن في إطار النظرية الرياضية أكثر من كونها جزءًا عمليًا من الفيزياء التجريبية.
تعقيد الرياضيات: النظرية تتطلب استخدام رياضيات متقدمة للغاية، ويصعب التعامل معها حتى بين العلماء المتخصصين.
الأهمية:
رغم التحديات، فإن نظرية الأوتار ما زالت تعتبر من النظريات الطموحة التي قد تقدم مفتاحًا لحل بعض الألغاز العميقة في الكون، مثل طبيعة الثقوب السوداء، وما يحدث في الكون المبكر، وكيفية توحيد القوى الأربعة في إطار نظري واحد.
تظل نظرية الأوتار أحد المحاولات الجريئة لتقديم “نظرية كل شيء” توحد جميع قوانين الفيزياء في إطار واحد شامل.